۩۞۩ ۞ منتدى عربي أنا ۞ ۩۞۩
  مفهوم النحو 50758410

  مفهوم النحو 73725310
۩۞۩ ۞ منتدى عربي أنا ۞ ۩۞۩
  مفهوم النحو 50758410

  مفهوم النحو 73725310
۩۞۩ ۞ منتدى عربي أنا ۞ ۩۞۩
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
nwail

 

  مفهوم النحو

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
hamid
۩۞۩ ۞ مؤسس ومدير عام الموقع ۞ ۩۞۩
hamid


عدد المساهمات : 675
تاريخ التسجيل : 01/10/2010
العمر : 54
الموقع : السودان - منتدى عربي أنا

  مفهوم النحو Empty
مُساهمةموضوع: مفهوم النحو     مفهوم النحو Icon_minitime1السبت أكتوبر 01, 2011 2:20 pm

مفهوم النحو
المبحث الأول : القياس
يعدّ القياس أحد أصول النحو الأساسية ، فهو يعتمد على دقة ملاحظة الظاهرة اللغوية واستقرائها بكل تفاصيلها ودقائقها ؛ لتعيين الأصول التي ترتكز عليها ، واستنباط أحكامها وبرهان مسائلها حتى يتوصل إلى جعل الأصول مُثُلاً يُحمل عليها ، فالقياس ، إذاً ، ضَرْب من المحاكاة ، وقديماً قالوا : إنَّ هذا العالم يحاكي عالم المثل العليا . ويعتمد القياس في كلِّ العلوم النظرية والتطبيقية ؛ لأنَّه أدعى إلى الاختصار باعتباره يقيس الفرع على الأصل ويحكم له بحكمه ، فتأخذ الظاهرة المَقِيْسَة حكم الأصل المقيس عليه .
أولاً : مفهوم القياس :
1- القياس في اللغة والاصطلاح :
يتضح معنى القياس في اللغة من قولهم : " قاسَ الشيءَ يقيسُهُ قَيْسَاً و قِياساً ، واقْتاسه وقَيَّسه إذا قدَّره على مِثَاله ".
وفي الاصطلاح : " القياس هو عبارةٌ عن التقدير ، يُقال : قاسَ النَّعلَ إذا قدّره وقاسَ الجِراحةَ بالمَيْلِ إذا قدّر عُمْقَها به . ومنه سُمّي المَيْلُ مقياساً ، وهو يستعمل في التشبيه أيضاً وهو تشبيه الشيء بالشيء ، يُقال : هذا قياسُ ذاك إذا كان بينهما مشابهةٌ . والقياس الجَلِيُّ هو ما سبق إليه الأفْهَام ، والخَفِيُّ هو ما يكون بخلافِه ، ويسمى الاستحسان ، لكنّه أعم من القياس الخفي . فإنَّ كلَّ قياسٍ خفيٍّ استحسانٌ دون العكس ؛ لأنَّ الاستحسان قد يطلق على ما ثَبَتَ بالنصِّ والإجماع والضرورة ، لكنَّ الغالب في كُتُبِ أصحابنا أنَّه إذا ذَكَرَ الاستحسان فالمرادُ به القياس الخفي . والقياسُ البرهانيُّ هو المؤلَّف من مقدماتٍ قطعيةٍ لإفادةِ اليقين ".
2- القياس في القرآن الكريم والحديث الشريف :
قال تعالى : (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً) البقرة 171
وقوله عزَّ وجلّ : (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الجمعة 5 دليل على قياس الشبه ؛ إذ إنَّ القياس على الحمار من ثلاثة أوجه لا يجب أنْ يستثنى واحد منها ، وهي (كون المحمول كتباً ، ثم حَمْله للكتب ، وأخيراً جهله بها) ، وهذا كما يقول عبد القاهر لا يحصل إلا بالمزج : " ولم يُمزَج حتى يكون القياسُ قياسَ أشياءَ يُبالغ في مِزاجها حتى تَتَحد وتخرُجَ عن أنْ تُعرَف صُورةُ كلِّ واحد منها على الانفراد ، بل تَبْطُل صُوَرها المفردةُ التي كانت قبل المِزاج وتَحْدُث صورةٌ خاصةٌ ".
ومن قوله تعالى : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ) الكهف 45 فهذا النوع من القياس الظاهر يستعمل فيه أدوات التشبيه ذاتها ، نحو الكاف ، ومثل ، إلا أن علة الالتقاء بين المقيس والمقيس عليه لا تتضح إلا من تمام الكلام كله ، فعلة النزول ، وعلة الاختلاط ، وعلة التهشيم ، وعلة الهباء المنثور بفعل الرياح ، هي علل متتابعة ومتصلة من جهة كون كل واحدة علة للأخرى .
وجاء في حديث رسول الله (صلى) : (النَّاسُ كإبلٍ مِئةٍ لا تكادُ تجدُ فيها راحلةً) ؛ إذ القياس كما يراه عبد القاهر هنا لا بدّ فيه من المحافظة على ذكر المشبَّه به الذي هو الإبل ؛ لأنَّ ما بعده ليس من الناس في شيء . وكذا الحال في الآية الكريمة ؛ لأنَّ الأفعالَ المذكورةَ المحدَّثَ بها عن الماء ، لا يصحُّ إجراؤُها على الحياة . بمعنى أنه لا يجب أنْ تتفق العلة في الفرع مع العلة في الأصل في حال قياس الشبه .
3- القياس في الفقه والتشريع الإسلامي :
القياس دليل من الأدلة الفرعية ؛ لأنَّه سبيل معرفة عن طريق أصل ثابت ، فالأصول لا يُعمل عليها ، وإنَّما يكون القياس في الفروع وما شابه ، فهو جائز من هذه الناحية ليأخذ الفرع حكم الأصل .
وفي تعريفه وبيانه جمع السيوطي بعض الآراء التي قيلت فيه ، فقال : " القِياس : حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما بناء على جامع ، وقيل : إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علّة الحكم عند المثبت ، وقيل : رد الشيء إلى نظيره في الأصول الثلاثة ".
وهو نوعان : " قياس العلّة : أنْ يجمع بين الأصل والفرع بعين العلّة . وقياس نسبة : أنْ يجمع بين الأصل والفرع بما يوهم اشتماله على العلّة ".
وحدّه الشيرازي بقوله : " حمل فرع على أصل بعلّة جامعة بينهما ".
فقد ذكروا فيه (الأصل والفرع والعلّة والحكم) .
فإن كان الحكم في الأصل غيرَ واضح ، أو مسكوتاً عنه ، استدل عليه بما يكون في الفرع وهذا من سبيل حَمْل الأصل على الفرع ، فيجوزُ القياس هنا إذا ثَبُتَ بقوة في الفرع . مثالُ ذلكَ قياس الوضوء على التيمّم في وجوب النية بهما " فنقيسُ المسكوتَ عنه على المنصوص عليه ، ولما دخلت النيّة في التيمّم ، وهو أقلّ من الوضوء ، كان الوضوء أولى بدخول النيَّة فيه ".
4- القياس في المنطق والفلسفة :
يشرح ابن رشد أقوال أرسطو في القياس ، فيقول : فأما القياس فهو قول إذا وضعت فيه أشياء أكثر من واحد لزم من الاضطرار عن تلك الأشياء الموضوعة بذاتها لا بالعرض شيء ما آخر غيرها . ومنه كامل ، ومنه غير كامل . والكامل هو الذي لا يحتاج في ظهور ما يلزم عنه من النتيجة إلى استعمال شيء آخر غيره ممّا يبين به إنتاجه . وغير الكامل هو الذي يحتاج في بيان ما يلزم عنه من النتيجة إلى استعمال شيء آخر أو أشياء أُخر ممّا هو لازم عن المقدمات التي وضعت فيه . فقد بان من كلامه أن الشرط الأساسي فيه هو لزوم نتيجة لا أنْ يكون مسلّماً به أصلاً . يقول ابن سينا تـ(428 هـ) :" كل (ب)(ج) ، وكل (ب) (أ) يلزم منه أن كل (ج) (أ) ، فكل واحد من قولنا : كل (ج) (ب) وكل (ب) (أ) مقدمة ، و(ج) و(ب) و(أ) حدودٌ وقولنا : وكل (ج) (أ) نتيجة . والمركب من المقدمتين على نحو ما مثلناه حتى لزمه عنه هذه النتيجة هو القياس . وليس من شرطه أنْ يكون مسلم القضايا حتى يكون قياساً ، بل من شرطه أنْ يكون بحيث إذا سلمت قضاياه لزم منها قولٌ آخر . فهذا شرطه في قياسته ، فربما كانت مقدماته غير واجبة التسليم ، ويكون القول فيها قياساً ؛ لأنَّه بحيث لو سلم ما فيه على غير واجبة كان يلزم عنه قول آخر".
5- القياس في النحو :
5-1 : قيمته :
يقول ابن جني: " وذلك أنَّ مسألة واحدة من القياس أنبل وأنبه من كتاب لغة عند عيون الناس قال لي أبو علي - رحمه الله - بحلب سنة ستٍّ وأربعين : أُخطئ في خمسين مسألة في اللغة ولا أخطئ في واحدة من القياس ". فقد وصف ابن جني القياس بأوصاف (النبل) .
مما يدلّ على علوِّ منزلته عند علماء العربية وعلماء المسلمين . ويكتسب القياس أهمية كبيرة نظراً لإجماع أئمة العربية وأئمة المسلمين عليه ، وفي أحاديث الطرفين تشديد على أنْ يتعلّم العربي المسلمُ النحوَ والإعراب وعلوم العربية كافة كما يتعلم الشريعة وأصول الدين . ولو لم يجوزوا القياس لأدى ذلك إلى إنكار النحو جملة وتهديم قواعده ، والنحو كما هو معلوم في حدّه علمٌ بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب . فمن أنكر القياس فقد أنكر النحو ولا نعلم أحداً من العلماء أنكره . وإذا لم يكن النحو رواية ونقلاً واُقتصر فيه على ما ورد في النقل من الاستعمال لأدّى ذلك إلى ألا يفي ما نخصُّ بما لا نخصُّ .
5-2 : ماهيته :
يأتي القياس في النحو لحمل فرع على أصل بالعلة التي عُلّق عليها الحكم في الأصل ومن ثم إعطاء الفرع حكم الأصل . وقيل القياس هو : " حمل غير المنقول على المنقول في حكم علّة جامعة ". كإعراب الفعل المضارع لشبهه بالاسم ووقوعه موقعه .
قال ابن الأنباري : " وهو في عرف العلماء عبارة عن تقدير الفرع بحكم الأصل ، وقيل : هو حمل فرع على أصل بعلّة ، وإجراء حكم الأصل على الفرع . وقيل : هو إلحاق الفرع بالأصل بجامع . وقيل : هو اعتبار الشيء بالشيء بجامع .وهذه الحدود كلها متقاربة ، ولابد لكلِّ قياس من أربعة أشياء : أَصْلٌ وفرع وعلّة وحكم ". فقد أشار إلى الأوجه التي يتم عن طريقها استعمال القياس وربط الفرع بالأصل ، فذكر (تقدير الفرع ، و حمْلَه بعلّة ، و إلحاقَه بجامع ، و اعتبارَه بجامع) وكلها تجعل الفرع يأخذ حكم الأصل فيجري مجراه .
إلا أنَّ القياس له أحكام وأصول فلا يجب القياس في كلِّ حال ، وعلى كلِّ شيء لمجرد المشابهة أو لغير ذلك . يقول أحد الباحثين المعاصرين : " سيبويه رفض بعض ما أجازه النحويون قياساً ؛ لأنَّ العرب لم تتكلم به ، وأهمية هذه المسألة تكمن في أنَّه كان من النحاة في القرن الثاني مَن يتسع في القياس مجاوزاً به السماع ".
5-3 : أركانُه :
يمكننا أنْ نستنتج أركان القياس من قول ابن الأنباري : " أَصْلٌ وفرع وعلّة وحكم ، وذلك مثل أنْ تركّب قياساً في الدلالة على رَفْعِ ما لم يسمَّ فاعله ، فتقول : اسمٌ أُسنِد الفعلُ إليه مقدَّماً عليه فوَجَبَ أنْ يكون مرفوعاً قياساً على الفاعل . فالأصل هو الفاعل ، والفرع هو ما لم يسم فاعله والعلّة الجامعة هي الإسناد، والحكم هو الرفع ".
فأركانه على الشكل الآتي :
1- الأصل أو (المقيسُ عليه) . يُشار فيه إلى الحكم والعلة التي أوجبت هذا الحكم .
2- الفَرْع وهو (المَقيس) ، ويجب أنْ يتضمن العلّة الموجبة للقياس على الأصل حتى يأخذ الفرع حكم هذا الأصل .
3- (العلّة الجامعة بين الأصل والفرع) أي : العلة التي أوجبت الحكم في الأصل والتي توافقت مع العلة في الفرع .
4- النتيجة أو (الحكم) . وفيها يُحكم للفرع بما حُكِم للأصل .
5-4 : أقسامه :
وقد ذَكَرَ ابن الأنباري ثلاثة أقسام للقياس عند النحاة هي : قياس العلّة و قياس الشبه وقياس الطرد . . ومعنى القياس في كلٍّ منها بحسب ما أضيف إليه .
1 – قياس العلّة . أي : علة حكم الأصل ، وهي علة مُتفق عليها .
2 – قياس الشبه . قال ابن الأنباري فيه : اعلم أنَّ قياس الشَّبَهِ أنْ يُحمل الفَرْعُ على الأصل بضَرْبٍ من الشَّبَهِ غيرِ العلَّةِ التي عُلِّقَ عليها الحُكْمُ في الأصلِ ".
وهذا يعني أنه لا اعتبار لعلة الأصل التي حكم له على أساسها ، وإنما يكون هذا القسم من القياس على علة أخرى .
3 – قياس الطرد . يعني أنهم لم ينظروا هنا إلى العلة ، وإنما إلى الحُكم ، فإنْ اتفق الحُكمان جاز القياس .
وهذه الأقيسة ثابتة عند النحويين ، إلا أنهم قد يسمون قياس الطرد بـ(قياس الأَحْكام) . أما الأول والثاني من هذه الأقيسة فصحيحان ؛ لأنَّهما يوجبان غَلَبَة الظنِّ . والقياس الثالث مُختلَفٌ فيه ؛ لأنَّ مجرَّد الطَّردِ لا يوجب غَلَبَة الظنِّ . ومعنى غَلَبَة الظن " زيادةُ قوَّة أحدِ التَجْويزين على الآخَرِ وتَغْليبُ أحدِ الاعتقادين ".
المبحث الثاني : التعليل
العلّة هي الجامع الأصل بين المقيس والمقيس عليه ، وهي جامع عقلي يُدرك بالحس والمشافهة مرة ، وبالاستدلال مرة أخرى ، وهذا هو السبب الأساسي في التقائهما في بحث واحد . والحاجة كبيرة إلى معرفة العلة سواءٌ كانت ظاهرةً واضحةً حيث يكون القياس عليها مباشرة لوضوحها ، أم كانت خفية حيث يحتاج إلى الاستدلال عليها . وطريق التعليل طريق ذهني خالص ، غايتُه الأولى والأخيرة المعرفةُ ، وقد اعتمد عليه عبد القاهر في مسائل النحو والصرف والبلاغة والمعاني حتى دفعه اهتمامه الكبير به إلى أنْ قال فيمن لا يرى من النظم إلا الإعراب الظاهر : " إِنَّ منَ الآفَةِ أيضاً مَنْ زَعَمَ أنَّه لا سبيلَ إِلى معرفةِ العِلَّةِ في قليلِ ما تُعْرَفُ المزيّةُ فيه وكثيرِه ، وأنْ ليس إِلا أنْ تعلمَ أنَّ هذا التقديمَ وهذا التنكيرَ ، أو هذا العَطْفَ أو هذا الفَصْلَ ، حَسَنٌ ، وأنَّ له مَوْقِعَاً من النَفْسِ وحَظّاً من القَبولِ . فأمّا أنْ تَعْلَمَ (لِمَ كان كذلك ، وما السَّببُ ؟) فممَّا لا سبيلَ إِليه ، ولا مَطمعَ في الاطِّلاعِ عليه ، فهو بتوانِيه والكسلِ فيه في حُكْمِ مَن قالَ ذلك ". فما هو مفهومُ التعليلِ ؟ وكيف تجلّت مظاهره عند عبد القاهر ؟

أولاً : مفهوم العلة :
1 – العلة في اللغة والاصطلاح :
أوردَ ابن فارس (تـ395 هـ) ثلاثةَ أصول لها : " فالأوَّل العَلَل ، وهي الشَّرْبة الثانية . ويقال عَلَل بعد نَهَل . . . والأصلُ الآخَرُ : العائقُ يعوق . قال الخليل : العِلّة حدَثٌ يَشغَلُ صاحبَه عن وجهه . ويقال اعتلَّه عن كذا ، أي اعتاقه... والأصل الثالث : العِلّةُ : المَرَضُ ". فمعنى الأصل الأول تكرار الأمر ، ومعنى الأصل الثاني هو المُعوِّق ، أمّا معنى الأصل الثالث فهو الضعف . " والتعلّة والعلالة : ما يُتعلّل به . . . ". فأفاد معنى التَشَاغُل بأمرٍ يُلهي عن آخر .
وفي الاصطلاح : (العلّة هي المعرِّف للحُكم) . . . و ما يتوقّف عليه الشيء ، وقيل : ما يقتضي الحُكْم ، إما تامةٌ أو ناقصةٌ . أو ما يحتاج إليه وجود الشيء . فكانت تعاريفها متعددة لتعدد الأوجه التي نظروا من خلالها إلى العلّة ، وسيأتي بيان ذلك من كتاب الله عزَّ وجلَّ .

2 – العلة في القرآن الكريم والحديث الشريف :
قوله تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ) التين4-5 فيه علتان بالنظر إلى الصورة والمادة ، كقولنا : الإنسان مركب من صورة ومن طين ، ولا يخلو شيء في هذا الوجود من هاتين العلتين الأوليتين ، بدليل قوله تعالى : (خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ) الرحمن14-15 .فقد ميّز الله سبحانه وتعالى بينهما ، وجعل لكلٍّ منهما علّة وجوده . ثم إنَّ العلل قد تتابعُ وتتعدَّدُ حتى تَخْفَى وتَغْمُضَ كقوله تعالى : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ) السجدة7-9
أما علماءُ الحديثِ الشريفِ فأخذوا معنى الأصل الثاني لِمَا قد يَعتري روايةَ الحديث أو سنده من خطأ يصيبه بالنقل . وأخذوا معنى الأصل الثالث ؛ لإخراج بعض الأحاديث الضعيفة وتقوية أخرى . فقالوا : " الحديثُ المعلُّ . والمُعَلّل : وهو ما اطُّلع فيه على علّة قادحةٍ في صحّته ".

3 – العلة في الفقه والتشريع الإسلامي :
العلّة في الفقه ركن من أركان القياس فلا يصح دونها ؛ لأنها الجامعة بين الأصل والفرع في تحديد الأحكام ولهذا نظروا إلى القياس من جهة هذه العلّة وقسموه على أساسها . العلل الفقهية وهي : العلل التي " يجب اطرادها ولا يجب انعكاسها ". لأنها لا تتحقق ما لم يتحقق شرط موجبها ، وإذا كان كذلك لم تنعكس ؛ لأنَّ موجب الشيء غيره .

4 – العلة في المنطق والفلسفة :
إذا سلمنا بأنَّ علم الحكمة وفروعه هو أول العلوم الإنسانية سلمنا بأنَّ بحث الإنسان عن سرِّ وجوده وخالقه والموجودات حوله هو شكل من أشكال التعليل ، فطبيعي أنْ يحاكم الإنسان الوقائع حوله ، ويعلل ويستقرئ ويستنبط حتى يتوصل إلى وضع القواعد والمسلمات ومن ثمَّ البراهين عليها العلوم كلها تسلك نفس الطريق إلا أنها تتميز عن بعضها بأسلوب العمل والتعبير . من هذه المقولات العامة أطلق الفلاسفة على مبدأ الوجود اسم (العلّة الأولى) و(العلّة الفاعلة بالطبع) ووصفوها بأوصاف كـ(القوة الموجبة) لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) الذاريات 58 .
وذهب الفلاسفة والمتصوفة وأرباب الديانات والمذاهب إلى أنَّ كلَّ ما يصدر عنه أمر آخر بالاستقلال أو بوساطة انضمام غيره إليه فهو علّة لذلك الأمر ، والأمر معلول له ، وهي أنواع ، فمنها : العلّة الهيولانية ، والعلّة الفاعلة ، والعلّة التمامية ، والعلّة الصورية ، والعلّة الغائية . واستخلصوا أنَّ التعليل هو : تبيين علّة الشيء ، وما يستدل به على المعلول .

5 – العلة في النحو :
علم النحو كغيره من العلوم الإنسانية الأخرى يخضع للقوانين العقلية بالدرجة الأولى فهو ، إذاً ، يخضع للاستقراء والاستنباط والقياس ، الأمر الذي يفتح أمام الباحثين أبواباً عديدةً للاختبار والتجريب والحكم والتعليل ، ويؤدّي هذا الأمر في غالب الأحيان إلى القياس والاجتهاد فيه. لقد كثرت تعابير النحاة عن مستويات العلل وكثرت مسمياتها ، لكن التأليف في العلل بدأ في زمن الخليل وتوسع ، فألف قطرب تلميذ سيبويه(تـ206هـ) كتاب (العلل في النحو) . وألف المازني (تـ248 هـ) كتاب علّل النحو . وامتد التأليف فيها حتى القرن الرابع حتى جاء الزجاجي (تـ337 هـ) وألف كتاب الإيضاح في علّل النحو ، فوضع الأسس الأولية البسيطة التي يجب على النحوي أنْ يتبعها في منهجه التعليلي . وكما نجدها عند أبي علي الفارسي وتلميذه ابن جني (تـ392 هـ) . وقد اختلفت مناهج البحث فيها ؛ إذْ إنَّ بعض النحويين ردّها إلى علم الفلسفة والمنطق وعلم الكلام ، وبعضهم الآخر ردّها إلى أصول الفقه كما حدث عند ابن مضاء القرطبي الذي حاول أنْ يربطها بعلل الفقهاء . قال ابن جني : " لسنا ندعي أنَّ علّل أهل العربية في سمت العلل الكلامية ألبتّة ، بل ندعي أنها أقرب إليها من العلل الفقهية ".
وهو بهذا الكلام يضعها بين منزلتين ، إلا أنَّه يقوي فيها ملكة الاجتهاد لأنها في الأصل تختلف عن مثيلاتها في أنها لا تتوقف على مسألة السماع ، يقول: " وإنْ تقدّمت علّل الفقه فإنها أو أكثرها إنما تجري مجرى التخفيف والفرق ، ولو تكلف متكلف نَقْضها لكان ذلك ممكناً - وإنْ كان على غير قياس - ومُستثقلاً . ألا تراك لو تكلّفت تصحيح فاء (مِيزان) و(مِيعاد) لقدرت على ذلك ، فقلت : مِوزان وموعاد . فقد ثبت بذلك تأخر علّل النحويين عن علّل المتكلمين وإنْ تقدمت علّل المتفقهين ".
وقد أكد الزجاجي هذه الوجهة في دراسة العلّة اللغوية بقوله : " علّل النحو ليست موجبة وإنَّما هي مستنبطة أوضاعاً ومقاييس ، وليست كالعلل الموجبة للأشياء المعلولة بها ، ليس هذا من تلك الطريق ".
فقوله (مستنبطة أوضاعاً ومقاييس) يعني أنَّ علّل النحو وضعت مع النحو بعد استقراء ظواهره ، ثمَّ اصطلح عليها النحويون وقاسوا عليها ، والقياس هنا جائز .

أوجد النحويون ثلاثة أقسام للعلل وفق منهجها وطرق عملها ، وقد سماها الزجاجي العلل التعليمية والقياسية والجدلية النظرية .

5-1 : العلل التعليمية :
هي العلل التي تدور في عقل المتكلم المفطور على سجيته وسليقته العربية ولا تتعدى ما يعرف به هذا المتكلم ؛ إذْ يرى الخليل أنَّ العرب نطقت على سجيتها وطباعها وعرفت مواقع كلامها وقام في عقولها عِلَلَهُ وإنْ لم يُنقلْ ذلك عنهم . فهذه هي العلل الأولية الضرورية لتحقيق الغاية منْ تعلم النحو . لذا هي أقرب إلى الكلام العربي المسموع الذي لا مجال لإبداء الرأي والنظر فيه ؛ لأنَّه أَصْلٌ لا يرد وعليه بنيت القواعد والأصول النحوية . فلا نرى مثلاً من يرفع المفعول ولا ينصب الفاعل . فمن هذا النوع من العلل قولنا : إنَّ زيداً قائمٌ . إنْ قيل بمَ نصبتم زيداً ؟ قلنا : بـ(إنّ) .

5-2 : العلل القياسية :
وهي منتزعة من مفهوم القياس على كلام العرب ، فكل ما قيس على كلام العرب فهو منه . وتسمى (علّة العلّة) عند ابن السراج الذي يقول : " وهذا ليس يكسبنا أنْ نتكلم كما تكلمت العرب وإنَّما تستخرج منه حكمتها في الأصول التي وضعتها ، وتبين بها فضل هذه اللغة على غيرها من اللغات ". ومثالها أنْ يُقال :" ولمَ وجب أنْ تنصب (إنّ) الاسمَ ؟".

5-3 : العلل الجدلية النظرية :
هذه العلل قابلة للاجتهاد فيها ، يقول الزجاجي : " فكل ما يعتل به في باب (إنّ) بعد هذا مثل أنْ يُقال : فمِنْ أيِّ جهةٍ شابهت هذه الحروفُ الأفعالَ ". فقوله (بعد هذا) توسع في الشرح والتعليل لِمَا سبق ، ودخول من باب الجدل والمناظرة ، والإخبار عما سبق بالبرهان .
الفصل الرابع

المبحث الأول : مفهوم العامل
1 - العامل في اللغة والاصطلاح :
العملُ كما جاء في اللغة : " هو إيجادُ الأَثَرِ في الشيء ". والعاملُ الفاعِلُ ، يُقالُ : عَمِلَ عَمَلاً وأَعْمَله غيرُه ، واستَعْمله ؛ أي : طَلَب إليه العَمَلَ . أما اصطلاحاً فالعاملُ : "هو ما يُوجبُ كَوْنَ آخرِ الكلمة عَلَى وَجْهٍ مخصوصٍ من الإعراب ".
2 - العامل في النحو :
يعدُّ بحثُ العامل من البحوث الرئيسية التي ارتكز عليها النحو العربي ، وقد اعتمد النحويون على هذا الأصل في وضع قواعدهم وأحكامهم النحوية حتى أصبح جوهرَ كُتبهم النحوية وعمادُ مسائلها . بيّن النحويون أنَّ علاقات التأثر والتأثير بين الألفاظ وما يطرأ عليها من تبدلات في حركات ألفاظها يحصل بعملٍ ، هدفُه : الربطُ بينها بشكل محكم يكشف عن مقاصد المتكلمين وفق ماسموه الاختلاف الذي هو الإعراب . قال عبدُ القاهرِ : " المُعربُ ماكان حركتُه وسكونُه بعاملٍ ". ومن ثمَّ تصبح العلاقةُ بين أجزاء الجملة منتظمةً ، ويُفهَمُ الغرضُ والمَقْصدُ . وقد سمّوا هذا الشيءَ باسم (العاملِ أو المؤثِّر) . وهذا يعني أنَّ الدراسة النحوية وكيفية فَهْمِ النحو لم تلغِ دور المعنى في إثبات مفهوم العامل ؛ فإذا لم يكن العامل ظاهراً في الكلام كان المعنى هو الأساس في الدلالة على وجوده حقيقةً في الكلام . فصاروا إلى إنتاج العامل المعنوي ، والعامل المقدر ، ثم قالوا : العامل ظاهرٌ ، ويمكن أنْ يكون مخفياً
وقد يحدث أنْ يوجد العامل ولا يوجد له معمول ، والسبب في ذلك أنه لما أقروا بوجود العامل كان من الواجب أنْ يكون له عمل في الكلام ؛ بمعنى : أنْ يكون له شغل في غيره فلما كان كذلك استعاضوا عن غياب المعمول بآخر ظاهر في الكلام . مثال ذلك المبني للمجهول . قال سيبويه: " يَرتفعُ المفعولُ كما يرتفعُ الفاعلُ ؛ لأنّك لم تَشْغَلٍ الفعل بغيرِه وفرَّغته له كما فَعَلتََ ذلك بالفاعل ".
فمفهوم العامل تتضمن أموراً ثلاثة يجب أنْ توجد في الكلام حتى تنتظم وتستقر الكلمات وفق هذا النظام الذي يسمى (نظام العمل) ولا يمكن أنْ يستغني هذا النظام عن أحدها وهي (العامل والمعمول وعلاقات العمل) أي: (المؤثِّر ، والمؤثَّر فيه ، والأثر الناجم عنهما الذي يدلّ على انتظام العمل وفق المعاني النحوية ) .
فلا يمكن أنْ يخلو نظام العمل من هذه الأقطاب الثلاثة . فإذا لم يظهر العامل إلى اللفظ لجأوا إلى تقديره ، ثم بحثوا له عن علّة غيابه بدليل أنَّ العلامة الإعرابية موجودة تدل عليه وإذا كان موجوداً ولم تظهر هذه العلامة قالوا : إنَّ الكلمة مبنية ويجب أنْ يكون محلها الرفع أو النصب أو الجر أو الجزم . ومن هنا أوجدوا مايسمى (العمل في المعنى) . قال سيبويه في باب ما يَنتصب فيه المصدرُ المشبَّهُ به على إضمار الفعل المتروك إظهارُه : " (مررتُ به فإِذا له صَوْتٌ صَوْتَ حِمار ، ومررتُ به فإِذا له صُراخٌ صُراخَ الثَّكْلَى) فإنّما انتَصب هذا ؛ لأنَّك مررتُ به في حال تصويتٍ ، ولم ترد أنْ تَجعل الآخِرَ صفةً للأوّل ولا بدلاً منه ، ولكنَّك لمَّا قلتَ (له صوتٌ) عُلم أنَّه قد كان ثمَّ عَمَلٌ فصار قولُك (له صوتٌ) بمنزلةِ قولك (فإِذا هو يصوَّتُ) فحملتَ الثانَي على المعنى ".
فكما نرى كان بإمكان سيبويه أنْ يحمله على الرفع ، ويستغني عن فكرة تقدير عامل آخر في الكلام ، لكنّه فضّل النصب ؛ لأنَّ المعنى هو الذي يفرض العمل لا اللفظ ، فقد أعمل (له) لِمَا فيها من معنى الفعل ، وهذا جائز لتقدمه في اللفظ ، ولو تأخّر لم يكن ليُعمله . فـ(له) في قولِنا : (له مالٌ) بمعنى (يَمْتَلِكُ أو امتَلَكَ) ، كما يكون ذلك إذا قلنا : عندك مالٌ . وسبب ذلك هو وجود الضمير الذي هو الفاعل على الحقيقة ، وإذا وجد الفاعل صار فعلُه بمنزلة المؤكّد وجودَه - وإنْ لم يكن شيء منه ظاهراً - كقولِِنا : أين زيدٌ ؟ وزيدٌ في البيت ، وزيدٌ كريمٌ . فالمسألة تتعلق بالمسند أصلاً ، وإلا لما كان في الجمل السابقة أيُّ شيء يوحي بالحَدَث ، وإذا لم يكن ثمَّةَ حدثٌ بطُلت نظرية العمل . وشرح الرضي تعريف ابن الحاجب : (العامل ما به يتقوَّمُ المعنى المقتضى) بقوله : "ويعني بالتقوّم نحواً من قيام العَرَض بالجَوهرِ، فإنَّ معنى الفاعلية والمفعولية والإضافة : كونُ الكلمة عُمْدةً أو فَضْلة أو مضافاً إليها ، وهي كالأعراض القائمة بالعُمْدة والفَضْلة والمضاف إليه بسبب توسُّط العامل . فالمُوجِدُ كما ذكرنا لهذه المعاني هو المتكلم ، والآلة : العامل ، ومحلُّها : الاسم ، وكذا المُوجد لعلامات هذه المعاني هو المتكلم لكنَّ النحاة جعلوا الآلة كأنّها هي الموجدة للمعاني ولعلاماتها ، كما تقدَّم ، فلهذا سُمّيت الآلاتُ عواملَ ".
بعض النحويين كابن مضاء القرطبي رفض فكرة العامل من جذورها ، ونسب العمل للمتكلم فقط ، ورفض فكرة المؤثِّر اللفظي الذي يؤثر عَلَى أواخر الكلمات فيغيرها من حال إلى حال أَو بعبارة أخرى : مايُغيِّر حركةَ آخرِها ؛ يقول : " فإنْ قيل : فقد أجمع النحويون – على بكرة أبيهم – على القول بالعوامل . قيل : إجماع النحويين ليس بحجة ". فهو يبني على أساس (عدم الإجماع) موقفَه المعارض لمفهوم العامل والمعمول ، والرافض لكلِّ ماينتج عن العامل من تأثيرات على الألفاظ ، أو مايقوم منه على التقدير والتأويل ، ويَنْسُب هذا التغيير في الحركات إلى المتكلم نفسه ، لا لشَيءٍ غَيره ، ثمَّ يدعو أخيراً إلى إلغاء مفهوم العامل من الدرس النحوي . ويناقش العامل بشكل منطقي وعقلاني فيرى أنَّ الشيء لايعمل بعد عدمه يقول : " وأما القول بأنَّ الألفاظ يُحدث بعضها بعضاً فباطل عقلاً وشرعاً ، لا يقول به أحد من العقلاء لمعانٍ يطول ذكرها فيما المَقْصدُ إيجازُه : منها أنَّ شَرْط الفاعل أنْ يكون موجوداً حينما يَفْعَلُ فعلُه ، ولا يُحْدَث الإعراب فيما يحدث فيه إلا بعد عَدَمِ العامل ، فلا يُنصب زيد بعد (إنَّ) في قولِنا (إنَّ زيداً) إلا بعد عدم (إنَّ) ".
ذهب بعض الدارسين المعاصرين إلى القول بأنَّ العامل : "ما يؤثر في اللفظ تأثيراً ينشأ عنه علامة إعرابية ترمز إلى معنى خاص كالفاعلية، أو المفعولية، أَوالإضافة ، ولا فرق أنْ تكون تلك العلامة ظاهرة أَو مقدرة ". ويرى بعضهم أن اهتمام علماء العربية بالإعراب وعلاماته قد حدّ من أهمية العامل ؛ إذ لم يعطوا الأدوار الوظيفية للعامل حقَّها من الدراسة ممّا أدى إلى إهمال هذه المعاني النحوية و" إيضاح قرينة لفظية واحدة فقط هي : قرينة الإعراب أو العلامة الإعرابية ، فتوجّه قولهم بالعامل لتفسير اختلاف هذه العلامات بحسب المواقع في الجملة ، فكانت الحركات بمفردها قاصرة عن تفسير المعاني النحوية ". لكن تفسير الاختلاف على ما قاله هذا الباحث هو مهمة من مجموعة من المهام التي اختصرت جهد النحاة الأوائل في سعيهم لوضع نظرية متكاملة ومتينة للعامل .
ورأى آخر أنَّ العامل النحوي يجب أنْ يُدرس في إطار وظائفي ؛ لأنَّه يسهم في " إيضاح المعاني الوظيفية للمفردات للتركيب الكلامي ، وأوجه الدلالة في تأليف العبارة ".
أما دراسة العامل عند عبد القاهر فيبدأ من تحديد الأصول التي يرتكز عليها نظام العمل النحوي وينتهي بتفسير الظاهرة الإعرابية تفسيراً يكشف عن معاني النحو ومقاصد المتكلمين .
الفصل الخامس
المبحث الأول : ظاهرة الإعراب

1 - حقيقة الإعراب
2 - شروط الإعراب
3 - موجبات الإعراب
4 - أحكام الإعراب
5 - الإعراب التقديري وأسبابه
6 - الإعراب المحلّي وأسبابه
7 - ألقاب الإعراب وعلاماته
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المبحث الأول : ظاهرة الإعراب

أولاً : مفهوم الإعراب :
1 – الإعراب في اللغة والاصطلاح :
(الإعراب) في اللغة مصدرُ الفعل (أعْرَبَ) ومعناه (الفصاحة) ، قال ابن سيده : " أَعْرَبَ فَصُحَ كلامُه وأَعْرَبتُ الشيء : عَرَبت وأَعْوَصتَ في المنطقِ ، وأَعْوَصتَ بالخَصْمِ : أدخلتَه فيما لا يفْهَمُ ".
وجاء في لسان العرب معنى (الإبانة والإيضاح) : " الإعرابُ والتَّعريبُ معناهما واحدٌ وهو الإبانَةُ ، يُقالُ : أَعْرَبَ عنه لِسانُه ، وعَرَّبَ ؛ أي : أبانَ وأفْصَحَ . وأَعْرَبَ عن الرَّجلِ بَيَّنَ عنه ".
وقال رسول الله (صلى) : " الثَّيبُ يُعْرِب عنها لِسَانُها ، والبِكْرُ تُسْتَأمَرُ في نَفْسِها ".
أما اصطلاحاً فللإعراب معنيان : لفظي ومعنوي . أما اللفظي فهو : " أَثَرٌ ظاهِرٌ أو مُقدَّرٌ يجلبُه العاملُ في آخر الكلمة أو ما نُزِّلَ منزلته . وعلى القولِ بأنَّه معنويٌّ : هو تغييرُ أواخرِ الكَلِمِ أو ما نُزِّلَ منزلتها لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظاً أو تقديراً ".

2 – الإعراب في النحو :
ظاهرة الإعراب من الظواهر التي وجدت مع اللغة العربية منذ القدم ، فالنصوص الأولى تثبت أن اللغة كانت معربة ، وأن العرب كانوا يتحدثون لغتهم بنظام الإعراب ، حتى صار إطلاق اسم الإعراب على النحو كلِّه . فبالإعراب قوام اللسان ، وسلامة النطق ، وعليه يقوم تذوّق البلاغة والمعاني ، ويكشف عن مقاصد المتكلمين . " فلمّا كان الإعرابُ يُعَيِّنُ المعاني سُمِّيَ إعراباً ". .
فللإعراب ، إذاً ، دور لغوي خالص ، ودور اجتماعي إضافي يتمثل في وظائف التعبير والتواصل والتفاهم بين المجتمعات . قال عبد القاهر : " قد عُلمَ أنَّ الألفاظَ مغلقةٌ على معانيها حتى يكونَ الإعرابُ هو الذي يفتحها ، وأنّ الأغراضَ كامنةٌ فيها حتى يكونَ هو المستخرِجَ لها ، وأنه المعيارُ الذي لا يُتبيَّنُ نُقصانُ كلامٍ ورجحانهُ حتى يُعرضَ عليه والمقياسُ الذي لا يُعرف صحيحٌ من سقيمٍ حتّى يُرجَعَ إليه . ولا يُنكِرُ ذلك إلا مَن نَكَرَ حِسَّه وإلا مَن غالطَ في الحقائقِ نَفْسَهُ ".

ومن الضروري الإشارة إلى أن القرآن الكريم قد جاء معرباً ومعجزاً ، ومثل ذلك حديث رسول الله (صلى) ، ثم إنَّ شعر العرب الجاهليين ونثرهم كان آية في نظمه وإعرابه .

لقد مرَّ معنا سابقاً في بحث الحدود النحوية بيان المبادئ الأساسية التي تؤصل لمفهوم الإعراب ، وتفصيل العناصر المكونة له ، ورأينا في بحث العوامل أن الإعراب متعلق بموضوع العامل تعلقاً لا يتصور أن يدرس أحدهما بمعزل عن الآخر ؛ لأنه في الأصل : " تغيُّرُ العلامةِ التي في آخر اللفظ بِسَببِ تغيُّرِ العواملِ الداخلةِ عليه ، وما يقتضيه كلُّ عاملٍ ".
إلا أنه سيتم استحضار المقدمات الأساسية في أحكام هذه الظاهرة اللغوية ، وشروطها وموجباتها من خلال نظرة عبد القاهر الجرجاني المستفيضة لها ، وهذا كافٍ للإحاطة بجوانب المسألة ، ثم إنه يغني عن ذِكْر كثير من الآراء .
المبحث الثاني : ظاهرة البناء

أولاً : مفهوم البناء
ثانياً : موقف عبد القاهر من ظاهرة البناء
أولاً : البناء اللازم والعارض
ثانياً : جهات البناء وأحواله
ثالثاً : موجبات البناء
1 - موجبات البناء على الإطلاق
2 - موجبات البناء على الحركة والسكون
3 - موجبات البناء على حركة مخصوصة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولاً : مفهوم البناء

1 – البناء في اللغة والاصطلاح :
البناء لغة هو : الهَيْكلُ تُشَبَّهُ به الفَرَسُ الطويلُ . وفي العمران يُقال طَوْقُ : " فكلُّ ما استدارَ بشيءٍ فهو طَوْقٌ. وسمِّي البِناءُ طاقاً لاستدارته إذا عُقِدَ ".
وقيل : " وَضْعُ شيءٍ على شيءٍ على صفةٍ يُرادُ بها الثبوتُ ... وبنا يبنو بنياً في الشَّرفِ . وبنى فلانٌ على أهله زفَّها ، فإنَّهم إذا تزوَّجوا ضَرَبُوا عليها خَبَاءً جديداً . وبنى الدَّارَ وابْتَناها بمعنى . وهو مُبْتَنيٌ على كذا على بِنَاء المفعول ".
والبناء في الاصطلاح "على القول بأنه لفظي : ما جيء به لا لبيان مقتضى العامل من شبه الإعراب ، وليس حكاية أو اتباعاً أو نقلاً أو تخلّصاً من ساكنين ؛ وعلى القول بأنه معنوي : هو لزوم آخر الكلمة حالة واحدة من سكون أو حركة لغير عامل ولا اعتلال ".

2 – البناء في النحو :
البناء مصطلح من مصطلحات النحو العربي ، مقابل للإعراب ، الأصل فيه السكون لأنَّه لمّا كان الإعراب اختلافاً ، وكان الاختلاف حركة ، وجب أن يكون البناء سكوناً ؛ لأنَّه يناقضه ويعاكسه . وهو بهذا المعنى لا يخرج عن معناه المعجمي والاصطلاحي لكون اللزوم على صورة واحدة تقتضي أن يكون على مثال حركة واحدة ، فلا يحيد عنها .
وكما أن للإعراب ألقاباً كذلك يكون للبناء ألقابٌ ، فألقابُه : الضمُّ ويقابه الرفع في الإعراب . والفتح ويقابله النصب في الإعراب . والكسر ويقابله الجرُّ في الإعراب . والوقف ويقابله الجزم في الإعراب . قال سيبويه : " وإنّما ذكرتُ لك ثمانيةَ مجارٍ لأفُرَّقَ بين ما يدخلُه ضَرْبٌ من هذه الأربعةِ لما يُحِدثُ فيه العاملُ ، وليس شيءٌ منها إلا وهو يزول عنه ، وبين ما يُبْنَى عليه الحرفُ بناءً لا يزول عنه لغير شيءٍ أحْدَثَ ذلك فيه من العوامل التي لكلِّ عاملٍ منها ضرْبٌ من اللفظِ في الحرفِ ، وذلك الحرفُ حرفُ الإعراب ".
فقد فَصَلَ – كما نرى - بين الإعراب والبناء من جهة العامل ، وفصل بينهما من جهة الأثر الذي يتركه العامل . فالمعرب ما دخله العامل وترك أثراً فيه يتمثل في حركة الإعراب والحركة إما أن تكون حركة إعراب وإما أن تكون حركة بناء .
مع خالص تحياتي حامدعبدالقادر السيد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://araby2.yoo7.com
 
مفهوم النحو
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
۩۞۩ ۞ منتدى عربي أنا ۞ ۩۞۩  :: ۩۞۩ ۞ منتدى الدراسات والبحوث ۞ ۩۞۩ :: ۩۞۩ ۞ قسم الدراسات والبحوث الثقافيه ۞ ۩۞۩-
انتقل الى: